تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

رزان النجار وفجر الحرية: واثقة الخطوة تمشي

صباح الخطوة الواثقة رزان النجار،

صباح الابتسامة العذبة،

صباح الانتماء الحرّ للوطن،

صباح الإحساس العالي بالمسؤولية،

صباح الإصرار على الحياة،

صباح المواجهة والتحدي،

صباح المبادرة والإيجابية والعزيمة،

صباحك موسى أبو حسنين، 

صباحك حازم أبو عيد،

صباحك جهاد أبو دقة،

صباحك آلاء قديح،

صباحك "عزت شتات"،

صباح خان يونس،

صباح غزة،

صباح حيفا،

صباحك يا قدس،

صباح وحدة الدم والمصير المشترك،

صباح الحرية، صباح فلسطين.

 

*****

لنتأمل الحديث الهادئ المتوازن للشابة رزان، والذي يدلّ على وعي عميق بأهمية عملها كمسعفة ميدانية، جنباً إلى جنب مع رفاقها الشباب، والذي يتلخص في محاولة إنقاذ الشباب على حدود التماس:

 "أنا هنا ميداني، طبعاً في خطوط التماس، وقدّام. تعاملت مع 70 حالة أو أكثر، من ضمنهم كان 15 في الراس والباقي طلق متفجّر في القدم، تعاملت معهم ميداني، تعاملت مع الشهيدين، كانوا جوّا نقطة التماس، تعدّيت نقطة الصفر من شان أنقذهم، عالجتهم في نفس المكان، قدّمت لهم العلاج ميدانياً، وقدّمتهم للطواقم الطبية. اللي كان متحاصر جوّه قدِرنا ننقذه. إحنا بنفوت جوّا خطوط التماس، أنا والزميل "عزت شتات"، بنفوت جوّا خطوط التماس، وبننقذ المصابين، وبنعالجهم في المكان وبنسلّمهم للطواقم الطبية".

"تعرضت لأصعب موقفين بحياتي، كان يوم الجمعة إنقاذ شهيد وإصابتين جوّا خطوط التماس، عند نقطة الصفر، الجندي كان قدامي، كان يمكن.. كان خطر كتير على حياتي".

*****

عاشت رزان في مجتمع محافظ، لا يتقبل وجود المرأة في المواقع الأمامية، ولا عملها جنباً إلى جنب مع الرجال؛ لكنها لم تنتظر تقبل المجتمع لعملها؛ فرضت وجودها واحترامها وتقبل المجتمع لعملها من خلال عملها الميداني. آمنت بالعمل الجماعي، وانضمت إلى اتحاد لجان العمل النسائي، في خان يونس، وبادرت مع انطلاق "مسيرات العودة الكبرى"، في آذار 2018، إلى التطوع كمسعفة ميدانية في الصفوف الأمامية، معتمدة على خلفيتها العلمية كطالبة في كلية التمريض، واستعدت لتحمل مسؤولية قرارها:

"المجتمع لازم يتقبلني، لازم يتقبل المجتمع وجود فتاة، شابة فلسطينية تحدّت بوجه الغاصب كِرمال تنقذ مصابين. إحنا متطوعين مش موظفين. الصحة اعترفت فينا أول 3 أيام، بس إحنا كمّلنا، حتى لو ما حدا اعترف فينا إحنا بنعترف بنفسنا".

"رسالتي أتحمل مسؤولية أي إشي بيحصلّي من مخاطر، رغم إني تعرضت 3 مرات للغاز . رح أكمّل المسؤولية بكل عزيمة وإصرار، ومش رح أتخلّى أبداً. أنا بديت المشوار ولازم أنهيه".

 

*****

خلال جنازة الشهيدة "رزان النجار"، في غزة؛ تعالت أصوات النساء:

"بقولّهم لجميع الفصائل: دم رزان ودم الشهداء مش رح يروح هدر، ح نواصل وح نواصل..رغم أنفهم، مش ح نكنّ ومش ح نلين".

 "توحّد الفصائل، الشعب متوحد دائماً، بس الفصائل؟".

وهتف المشيعون:

"علاّ يا بلادي علاَ.. الموت ولا المذلة"، "ع القدس رايحين..شهداء بالملايين"، "بدنا حقها ل رزان".

وفي حيفا؛ علت الهتافات:

"علّي وعلّي وعلّي..على كل الأرض المحتلة"، "يا رزان النجار..بعد الليل بييجي نهار".

 

*****

كيف نأتي بحق الشهيدة من القتلة؟ وكيف نفيها حقها؟ وهل يمكننا ذلك؟

يمكننا أن نفيها بعض حقها إذا وثقنا جريمة انتهاك حقها وحق الطواقم الطبية في الحياة، وتفاصيل استشهادها على يد القناص الإسرائيلي، وما يحدث من استهداف الطواقم الطبية، وسيارات الإسعاف، ولاحقنا المتورطين، ولم نكلّ أو نملّ قبل إنزال العقوبة بالقتلة،

يمكننا أن نفيها بعض حقها إذا استلهمنا خطواتها الواثقة، ووعيها برسالتها ومهمتها، وإحساسها العالي بالمسؤولية، وثقتها بالحق، وقدرتها على التحدي والمبادرة، دون الخوف من النتائج.

تعدّت الشهيدة نقطة الصفر، كما تعدّاها شعبنا في غزة، فهل يمكن أن نفعل؟

هل يمكن أن نخوض معركة التحرر الوطني موحّدين حول رؤية تعبر عن تطلعات شعبنا بالحرية والكرامة، وحول مشروع تحرري إنساني؟ مع إرادة وثقة بحقنا وعدالة قضيتنا وقدرتنا على الانتصار؟

هل يمكن أن نحدث تغييراً في أدائنا، يستجيب لدقة وخطورة المرحلة؟ هل يمكن أن نفعل إكراماً للشهداء والجرحى؟ إكراماً لغزة والقدس وحيفا؟ إكراماً للفلسطينين أينما وجدوا؟

وإذا كانت الشابة ذات الواحد والعشرون ربيعاً قد عرفت طريقها، وتعدَّت نقطة الصفر، كي تحقق رسالتها الإنسانية والوطنية، فمتى نتعدّى نحن نقطة الصفر؛ ليبزغ فجر الحرية؟