تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

اليوم العالمي للسلام: نقرع أجراس السلام ويقرعون طبول الحرب

بينما قرعت الأمم المتحدة، ومنظماتها، وطلاب الحرية عبر العالم أجراس السلام، يوم 21 أيلول 2024؛ في ذكرى اليوم العالمي للسلام، - الذي أعلنته الجمعية العامة لأمم المتحدة يومًا للاحتفال بالسلام عام 1981- ؛ قرع جيش الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري طبول الحرب.

ولم يكتف الجيش بقرع الطبول؛ بل دفع بترسانته العسكرية، بكامل عدتها وعتادها إلى العدوان تلو العدوان، على لبنان الحبيب؛ أرضًا وشعبًا، بالتوازي مع الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي لقطاع غزة، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، والتنكيل المتواصل بالشعب الفلسطيني في الضفة الغربية.

وإذا كانت دولة اليابان قد أهدت الأجراس إلى الأمم المتحدة عام 1995، هادفة إلى تعزيز جهود السلام العالمية؛ فهل استطاعت الأمم المتحدة أن تمضي قدمًا في رسالتها لتحقيق السلام العالمي؟

ما حدث هو على العكس من ذلك تمامًا؛ إذ لا تكفي النوايا الحسنة في عالم يسوده منطق القوة لا منطق الحق، ويحكمه قانون الغاب، لا القانون الدولي، ولا القانون الدولي الإنساني.

لا تكفي النوايا الحسنة، ولا الديباجات الجميلة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولا المواثيق الدولية، التي تتغنى بالإنسان، وحقوقه، وكرامته؛ إذا لم يصحبها قدرة وصلاحيات لإنفاذ هذه القوانين، وعقاب من ينتهكها، دون تفرقة أو تمييز بين البشر، حيث تؤكِّد الأمم المتحدة ان القانون الدولي الإنساني – وهو القانون الذي يحمي المدنيين في وقت الحرب – يضرب به عرض الحائط وتدوسه الأقدام.

وما الفائدة من دعوة الأمم المتحدة لوقف القتال، في عالم يكيل بمكيالين؛ وتدير فيه معظم دول العالم ظهرها للمواثيق الدولية حين تريد، وتطالب بتنفيذها حين تريد، دون أي حساب لمبادئ العدالة والمساواة والحريات وحقوق الإنسان؟

*****

من الواضح أن جهود الأمم المتحدة، ودول وشعب العالم الصديقة عاجزة عن إحلال السلام العادل، ولكن ماذا عن تخفيف المعاناة الإنساني،؟ التي هدف إلى ترسيخها الاحتفال باليوم العالمي للعمل الإنساني، الذي احتفل به العالم يوم 19 آب/أغسطس، في خضم معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، منذ عام 2013؛ والذي وصفته الأمم المتحدة بأنه الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة لمن يعمل في المجال الإنساني؟

بيَّن الأمين العام للأمم المتحدة؛ أنطونيو غوتيريتش، ضمن رسالته، بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني، أن إفلات الجناة من العقاب "يعني أن الجناة لا يخشون قبضة العدالة"، مستنتجًا أن هذا يعتبر فشلًا للإنسانية، وفشلًا على صعيد المسؤولية والقيادة، مطالبًا بوقف الاعتداءات المتواصلة على العاملين لتخفيف المعاناة الإنسانية، وعلى المدنيين؛ أطباء/طبيبات، وممرضين/ات، وإعلاميين/ات، وصحفيين/ات، وكتاب/كاتبات، ومواطنين ومواطنات، ومطالبًا الحكومات بالضغط لحماية المدنيين، بالإضافة إلى مطالبته بوضع حدّ للإفلات من العقاب، وتقديم الجناة إلى العدالة.

*****

صرخت شعوب العالم مطالبة بوقف العدوان والمجازر والإبادة الجماعية والتطهير العرقي للشعب الفلسطيني، ووقف بيع أسلحة الدمار الشامل لدولة الاحتلال الإسرائيلي؛ بينما طالب الأمين العام للأمم المتحدة بوقف عمليات نقل الأسلحة إلى الجيوش والجماعات التي تنتهك القانون الدولي، فهل تكفي دعوته الخجولة؟

هل تتسق مع الدعوة إلى إحلال السلام العالمي؟ هل تنهي الانتهاك الصارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ليلًا ونهارًا؟

هل تنهي العنف الذي يعمّ العالم؟ هل تنهي الظلم؟ هل تنهي إفلات المجرمين من العقاب؟ 

حتى يتحقق السلام؛ لا مفرّ من النضال ضد العسكرة، ولا مفرّ من تحدي الفكر العسكري، الذي يظلل حياة البشر على الأرض، ويدمِّرها، ويدمِّر الإنسانية، ولا مفرّ من إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني طويل الأمد لأرض فلسطين.

لا مفرّ من إنزال أشدّ العقاب بمرتكبي جرائم الحرب، وفضح كل من يتستّر عليها، أو يبرّرها.

لن ينقذ الإنسانية ويحميها، ويحقق السلام؛ سوى الحوار المشترك، ثم العمل المشترك لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة، واحترام حقوق الإنسان، وتحقيق الأمان السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، ليس للشعب الفلسطيني فحسب؛ بل للشعوب المقهورة، وشعوب العالم كافة.