تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

صرخة النساء من أوكرانيا إلى فلسطين

"ندعو كل من له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالحرب في أوكرانيا أن يتخذ موقفاً واضحاً ضد العسكرة؛ لصنع السلام. إن الأسلحة تخلق الحرب بدلاً من السلام".

                              نداء من أجل السلام ونزع السلاح/ منظمة "نساء من أجل السلام عبر العالم".

يطلّ آذار هذا العام ليذكِّر مرّة أخرى، وبقوة، بالوجه الكفاحي للمرأة عبر العالم، حيث يتواصل نضال النساء ضد العسكرة، والاحتلال، والاستعمار بتجلياته، والظلم، والقهر، والفقر، والطغيان، واللامساواة، والتمييز، والعنصرية.

يطلّ ليذكِّر بأهمية توحيد الجهود الرسمية لتحقيق السلام عبر نزع السلاح، الذي يشمل الأسلحة التقليدية والنووية التي تدمّر العالم بشكل مباشر وفوري، والأسلحة غير التقليدية (الحصار الاقتصادي والثقافي والتكنولوجي)، التي تدمّر العالم على المدى البعيد.

يطلّ ليذكّر أن نضال النساء مستمرّ، وضروري، ما دامت الحروب تشتعل، وما دامت الترسانة العسكرية تسوِّر العالم، وما دام الاحتلال الكولونيالي الاستيطاني يدير ظهره للمواثيق الدولية، ويمتدّ ليفترس الأرض والحجر والبشر، دون أن يكترث لحظة للقانون الإنساني الدولي، ولقرارات الشرعية الدولية.

*****

صحيح أن شعوب العالم؛ نساءها ورجالها تعاني من ويلات الحروب؛ إلاّ أن المجموعات المهمشة وعلى رأسهن النساء هنّ المتضرّرات منها بشكل أكبر، ولذلك هنّ المعنيّات بصنع السلام وتحقيق الأمان لهن ولعوائلهن، ولا بدّ لكي يستطعن صنع السلام أن يشاركن في صنع القرارات التي تؤثِّر عليهنّ، وأن يكنّ جزءاً أساسياً من عملية صنع السلام.

ما الذي يجمع بين المرأة الأوكرانية والمرأة الفلسطينية؟ بينهما وبين المرأة العراقية والليبية واليمنية والسورية واللبنانية والأفغانية، بينهن ونساء العالم؟

شعار واحد رفعته نساء العالم في الثامن من آذار 2022، وصرخة واحدة:

أوقفوا الحروب التي تدمِّر البشرية، وأنهوا الاحتلال الكولونيالي العنصري على أرض فلسطين، وانزعوا أسلحة الدمار الشامل، وامنعوا صناعة السلاح والاتّجار بها؛ فالأسلحة تدمّر وتهدم، وتؤجِّج نار الحروب ولا تحقِّق السلام، واحترموا حقّ الشعوب في تقرير المصير، وفي الحياة الحرّة الكريمة.

ما هي مطالب نساء العالم في آذار 2022، وعلى مدار العام؟

تناضل المرأة عبر العالم ضدّ النظام الامبريالي، المرتبط بالرأسمالية والعسكرة،  وضدّ العنصرية، والتمييز بسبب اللون أو الجنس أو العرق، وتشجب بشدة العنصرية والتحيّز التي يعامل وفقها اللاجئون عند استقبالهم على حدود الدول، والتمييز بينهم بسبب لون بشرتهم أو بسبب دينهم، كما ظهر في عدد من وسائل الإعلام الغربية، وعلى حدود بعض الدول، وكما حدث في مطارات دولة الاحتلال الإسرائيلي، كما تقف ضدّ العنف بأشكاله؛ لتحقيق الحرية، والمساواة، والسلام العادل، والأمان الإنساني؛ لهنّ وللبشرية.

*****

لا يمكن لشعب يرزح تحت الاحتلال الاستيطاني العنصري، سوى أن يقف ضد أي عدوان عسكري، وأي احتلال؛ ولذا فإن الشعب الفلسطيني يقف مع الشعب الأوكراني؛ نسائه ورجاله، وحقه في تقرير المصير، وفي حياة حرة كريمة على أرضه.

كما لا يمكن لشعوب عانت وتعاني من الاستعمار؛ أن تقف مع المستعمِر، مهما حاول تبييض صفحته وتاريخه، ومهما حاول الادّعاء بالدفاع عن حقوق الشعوب في الحرية والاستقلال وتقرير المصير، كذلك لا يمكنها أن تقف مع الاستقواء بحلف مثل حلف الناتو لخدمة استمرار هيمنة القطب الواحد.

كيف يمكن أن ينسى شعب فيتنام المجزرة الرهيبة التي اقترفها الجيش الأمريكي، في قرية مي لاي، في فيتنام، يوم 16 آذار عام 1968؟! وكيف يمكن أن ينسى شعب اليابان آثار إلقاء قنبلتين نوويتين واحدة من اليورانيوم على هيروشيما، يوم 4 آب 1945؛ تلك التي أدّت إلى تدمير حوالي 90% من المدينة، وقتل ثمانين ألف مواطن، وجرح تسعين ألف غيرهم، وأخرى على ناجازاكي، من نظائر اليورانيوم، ألقيت بعد القنبلة الأولى بأيام، وأدّت إلى تدمير وقتل وجرح وحرق وتشويه مئات الآلاف من اليابانيين؟!

وكيف يمكن أن ينسى الشعب العراقي الغزو والاحتلال الأمريكي - البريطاني لبلدهم؟! الغزو الذي أسفر عن قتل وجرح مئات الآلاف من العراقيين، وتدمير البنية التحتية، وتعزيز الطائفية، وتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

وهل ينسى الفلسطينيون دعم الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني، بكل الوسائل الممكنة، منذ عام 1948، وتنكّره لقرارات مجلس الأمن، والقرارات الدولية كافة التي تنصف الشعب الفلسطيني؟

وهل تنسى شعوب آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية التدخل العسكري للولايات المتحدة الأمريكية، لقلب أنظمة الحكم؛ تحت مسمّى مساعدة الشعوب، وتحقيق الديمقراطية؛ الأمر الذي نتج عنه خسائر بشرية هائلة؟!

*****

تتفاقم المشاكل التي يعاني منها العالم بأسره كل يوم، ويثبت نظام القطب الواحد الامبريالي فشله في معالجة هذه المشكلات والأزمات؛ الاقتصادية والاجتماعية والصحية والسياسية.

لم يعد هناك مكان لعالم واحد، ولا لثقافة واحدة، في عالمنا المعاصر. ولا يوجد حل يفيد الإنسانية سوى أن تكون هناك قيادة جماعية عالمية، تكسر هيمنة القطب الواحد.

لن يكون هناك حل للمشكلات العديدة التي تعاني منها البشرية، وعلى رأسها الصراعات، والحروب؛ سوى بالعيش المشترك، والقواسم المشتركة، والأقطاب المتعددة، التي تخلق التوازن، وتحافظ على الاستقرار العالمي،  وذلك لضمان العيش الكريم لسكان الأرض سواسية دون تمييز.