تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

ألف امراة من أجل جائزة نوبل للسلام 2005: نحو أوسع مشاركة للمرأة العربية

جاء مشروع “ألف امرأة من أجل جائزة نوبل للسلام 2005” ضمن نضال نسوي عالمي، يهدف إلى إعادة كتابة تاريخ الشعوب المختلفة من وجهة نظر المرأة. انبثق هذا الاتجاه وارتبط بشكل أساس بحركات المطالبة بحقوق النساء عامة، وبضرورة تعزيز دور النساء في المجتمع، وإبرازه، والتأكيد على مشاركتهن في شتى المجالات العامة، والتصدي لمحاولات تهميش دورهن.
لاحظت العديد من الحركات النسوية، هوة كبيرة ما بين التاريخ الغني لمشاركة النساء في نضال شعوبهن، وما بين الاعتراف بهن وبإنجازاتهن. ورغم عمل المرأة الحثيث من أجل السلام في جميع بقاع الأرض؛ لم يجر الاعتراف بجهود المرأة من أجل السلام، فمن بين من نالوا جائزة نوبل للسلام، نجد 11.9% من النساء، نلن هذه الجائزة، رغم وجود الآلاف من النساء اللواتي ناضلن وكافحن ودفعن حياتهن من أجل صنع السلام.
كانت بيرتا فون سوتنر (Berta Von Suttner) من النمسا، أول امرأة تحصل على جائزة نوبل للسلام العام 1905، لجهودها كرئيسة فخرية للمكتب الدولي الدائم للسلام؛ لكن جهود العديدات من النساء، وعملهن الدؤوب لتحقيق السلام، والمخاطرة بحياتهن من أجل نيل الحرية والسلام لشعوبهن، وشجاعتهن الاستثنائية رغم كل الظروف الصعبة، للحفاظ على أسرهن، ورعاية الأسر المنكوبة، وحفاظهن على الثقافة؛ لا تحظى بتقدير أو اعتراف كاف في المجتمع. إن من يحظى بالاعتراف والتقدير هم اؤلئك الذين يبرمون المعاهدات، ويمدون أيديهم للمصافحة من بين رؤساء الدول، أو الفرق العسكرية التي أشعلت نيران الحروب.
جاءت مبادرة النساء، من أجل تسمية ألف امرأة من جميع بقاع العالم، لنيل جائزة نوبل للسلام بشكل جماعي، ما يساهم في إرساء قيمة العمل الجماعي، الذي تتميز به النساء، ولتسليط الضوء على عملهن، وإكسابه اعترافاً دولياً. وسوف يتم نشر وثائق المبادرة عبر أشرطة الفيديو، وأفلام وثائقية، وكتب، بالإضافة إلى المحاضرات التي تناقش عمل النساء، من أجل السلام في العديد من الجامعات في العالم.
لم تعرف أسماء النساء اللواتي سيرشحن للجائزة، حتى الآن. وسوف تكون هناك معايير يتم الترشيح على أساسها: لا بد أن تكون المرشحات ممن يمثلن كافة قارات العالم، ومن شرائح واسعة من المجتمع، على سبيل المثال: مزارعات، مدرسات، فنانات، سياسيات، ممن يلتزمن بالعمل من أجل مستقبل خال من العنف. إنهن بشكل أساس من النساء اللواتي ينتمين إلى مجتمعاتهن، واحتياجاتها، وليس من الضرورة أن يكن نجمات في مجتمعاتهن.
سوف يكون لكل مرشحة حقلها المعرفي الخاص، وتجربتها، ونشاطها، الذي يمكن أن يختلف عن نشاط غيرها، وحقل عملها، واختصاصها. من الممكن أن تكون أمية، وبلا وظيفة، أو متعلمة تعليماً عالياً، وتعمل ضمن منظمات عالمية. من الممكن أن تكون خبيرة في إحدى حقول المعرفة، ومستشارة لخبرتها المحددة. ومن الممكن أن تكون ملتحقة بإحدى اللجان أو المنظمات السياسية؛ حيث يمكنها ممارسة تأثيرها ما بين النساء.

ومن أجل تسليط الضوء على جهود هؤلاء النساء، من أجل السلام؛ يكون من الضروري، توثيق عملهن من خلال ربطه بسياقه الاجتماعي. وسوف يجسد هذا التوثيق مخرجون ومصورون وكتاب وصحفيون وأكاديميون، وربما سياسيون. هذا التوثيق الذي لن يتيح لنشاط المرأة أن يكون مرئياً بحلول العام 2005 فحسب؛ بل إنه يتيح للمرشحات التعبير عن وجهة نظرهن، في موضوع الحرب والعنف، وفي السلام وسبل تحقيقه.
وسوف تزود 1000 استراتيجية لحل النزاعات؛ مجالاً لحوافز خصبة للدراسات والبحوث من أجل سياسات السلام. لذا سوف تصحب المشروع، دراسات أكاديمية، وسوف توفر بعض المواد لبعض الرسائل الجامعية: أبحاث السلام وحل النزاعات، السلام والأمن، السلام بعيون النساء ومن منظور سياسات النوع الاجتماعي، مشاركة النساء والمنظمات النسوية في بناء المجتمع المدني، ….الخ
وقد كونت ستة معاهد علمية، من ثلاثة أقطار، المجموعة البحثية الأساس: قسم الاجتماع -الأنثروبولوجيا، الجغرافيا، القانون الدولي، في جامعة بيرن- سويسرا، قسم الإعلام والاتصالات في جامعة كلاغنفورت في النمسا، قسم العلوم السياسية في جامعة جيسين في ألمانيا. وتجري الآن اتصالات مع جامعات أخرى، في أقطار أخرى في العالم، للمشاركة في المشروع.
ورغم أن المبادرة جاءت من سويسرا؛ إلاّ أنها وجدت دعماً وتبنياً عالمياً. وقد تأسست رابطة: ألف امرأة من أجل جائزة نوبل للسلام 2005، من أجل مأسسة المبادرة، حتى يتم ضمان تنفيذها بشكل منهجي، يضمن الشفافية المالية، والتقييم النهائي.
ومن المفيد معرفة صاحبة المبادرة ورئيسة المشروع، الناشطة السياسية: روث-جابي (Ruth-Gaby Vermot-Mangold) عضو البرلمان السويسري، والبرلمان الأوروبي، ونائبة الرئيسة: مونيكا ستوكر (Monika Stocker) عضو مجلس مدينة زيوريخ، وعضوات الهيئة الإدارية للمشروع: الصحافية إيفا مزجر (Eva Mezger) ومستشارة المالية والاتصالات كريستين مينز (Christine Menz)، وعضو المجلس القومي السويسري روزماري زابفي (Rosemarie Zapfi). وتعمل الرابطة بتعاون وثيق مع المؤسسة السويسرية من أجل السلام، التي وفرت من خلال مكاتبها مقراً للرابطة. وتهتم المؤسسة بدعم منسقات الرابطة، ومساعدتهن في عملهن: التشبيك بين مختلف المناطق في العالم. وسوف ينتهي المشروع عام 2006.
ومن الملاحظات الإيجابية التي تتعلق بالمشروع؛ أنه بالإضافة إلى الدعم المادي الذي تتلقاه من وزارة الشؤون الخارجية السويسرية؛ فتحت الرابطة المجال للدعم الفردي والمؤسسي للمشروع، عبر المشاركة، بشراء سهم بقيمة: 1000 فرنك سويسري.

*****

تناضل نساء العرب من أجل قضاياهن العادلة، يناضلن من أجل تحرر شعوبهن من الاستعمار المباشر وغير المباشر، من أجل السلام لشعوبهن، ومن أجل مجتمع حر ديموقراطي، يخلو من جميع أنواع التمييز؛ ما يدعوهن أن يرشحن نساء عربيات، عملن طويلاً بصمت ودأب، من أجل تحقيق هذه الأهداف.

*****

تناضل نساء فلسطين منذ بداية القرن الماضي، من أجل التخلص من الاحتلال البغيض، ومن أجل السلام لشعبهن، ومن أجل مجتمع حر ديموقراطي، يخلو من جميع أنواع التمييز؛ ما يدعوهن أن يرشحن نساء من مختلف الشرائح الاجتماعية، لنيل الجائزة: سجينات سياسيات، رهنّ حريتهن بحرية الوطن، مناضلات سياسيات، رهنّ عمرهن لخدمة قضايا تحرر الوطن وتحرر الإنسان، مناضلات اجتماعيات، مفكرات، أديبات، فنانات. هذا الترشيح الذي لا يضمن بالضرورة نيل الجائزة. إنه يضمن فقط: عرضاً أفضل وفهماً أعمق لقضية الوطن وقضية المرأة، من وجهة نظر المرأة الفلسطينية.

*****

كلمة أخيرة: لقد دأب العدو على تشويه نضالنا العادل، بكل الوسائل. وقد آن لنا أن نوظف كل المنابر لخدمة قضايانا العادلة. آن لنا أن نكون أفضل محاميات ومحامين لأعدل قضية؛ عوضاً عن أن نكون أسوأ محاميات ومحامين لأعدل قضية.