تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

رياح الحرية: والتنوع العرقي والديني والمذهبي

"في يوم من الأيام،

عليكَ أن تعمل ما يجب عليك،

وأن تبدأ،

رغم النصائح السيئة حولك،

تهيب بك ألاّ تفعل".

                               ماري أوليفر/ أمريكا

 

في زمن الشرذمة والانقسام،

في الزمن الذي كادت تضيع فيه البوصلة والأولويات؛

بدأ سبعمائة وخمسون من الناشطين وعشاق الحرية، من أربعين دولة، خطوتهم، لكسر الحصار عن قطاع غزة، رغم النصائح السيئة، التي تهيب بهم ألاّ يبدأوا.

 

في زمن التعصب العرقي والديني والمذهبي؛

شهدت قافلة الحرية، تنوعاً عرقياً ودينياً ومذهبياً وقومياً مميزاً؛ يدعونا إلى إعادة النظر في معسكر أصدقائنا وأعدائنا.

 

في زمن علت فيه الأصوات بضرورة عودة المرأة إلى البيت، وإلى قوقعتها، التي تحرَّرت منها بإرادتها، بعد عصور الظلام الطويلة؛ جاءت مشاركة مائة امرأة، في أسطول الحرية؛ ليثبت أن المرأة صنو الرجل في التصدي للقهر والاحتلال والاستعمار، وأنها شريكته في محاربة الظلم والطغيان والاستعباد، سياسياً واجتماعياً وثقافياً.

*****

وفي الوقت الذي تعانقت فيه الديانات السماوية، والقوميات المتعددة، والجنسيات المختلفة، رجالاً ونساء، على متن قافلة الحرية: جنغز آكيور/ الشهيد التركي،  وكنزة البرنانسي/ الشهيدة المغربية، وفرقان دوغان/ الشهيد الأمريكي من أصل تركي، والمطران هيلاريون كبوتشي، والشيخ رائد صلاح، وهيدي أبستين/ اليهودية الثمانينية الناجية من المحرقة،  وهاننغ مانكال، من السويد، وغريتا بارلين الأمريكية/ منسقة تنظيم "حركة تحرير غزة"، وشذى بركات من سوريا، وسندس العبد الجادر من الكويت، ود. حازم فاروق منصور، من مصر، والمهندس محمود أبو غنيمة من الأردن، وحسن مراد من البحرين، ومناصرية صليحة  من الجزائر، وفاطمة محمدي من أمريكا، ومايريد كوريجان، الإيرلندية/ الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 1976، وكينيث أوكيف، الأمريكي؛

وفي حين ردَّد المتضامنون الأتراك، بلهجة عربية مكسَّرة: فلسطين فلسطين، الانتفاضة مستمرة، لتعود الأرض حرة؛

ما زالت بعض الحناجر المتعصِّبة في الدول العربية، تردِّد شعارات عفا عليها الزمان، مثل: "خيبر خيبر يا يهود…..".

وفي الوقت الذي كادت فيه الراية الفلسطينية أن تختفي، خلف رايات الفصائل المختلفة، وكادت الكوفية الفلسطينية، التي اعتبرت رمزاً لكفاح الشعب الفلسطيني (المرقطة بالأبيض والأسود) أن تبهت، خلف الكوفيات متعددة الألوان؛ رفع المتضامنون، من سبع وثلاثين جنسية، العلم الفلسطيني، وارتدوا الكوفية الفلسطينية، خلف شعار رئيس: كسر الحصار عن غزة، ثم إنهاء الاحتلال الإسرائيلي البغيض، على أرض فلسطين:

"في ردة فعل احتجاجية، على مجزرة أسطول الحرية، والجريمة الصهيونية ضد نشطاء السلام والإغاثة الدوليين، وكإدناة للكيان الصهيوني، وتعبيراً عن تضامنهم ومناصرتهم للقضية الفلسطينية؛ حضر أعضاء البرلمان النرويجي من مجموعة أصدقاء فلسطين البرلمانية، والبالغ تعدادها 35 عضواً، إلى مقر البرلمان، وشاركوا في جلسته وهم يرتدون الكوفيات والشالات الفلسطينية".

*****

وفي الوقت الذي نهضت فيه الشهيدة راشيل كوري، من خلال الباخرة التي حملت اسمها، مذكِّرة بأن مقاومتها مستمرة، وأنها سوف تلاحق القتلة، براً وبحراً وجواً،

وخاطرت البريطانية ألكساندرا بحياتها، من خلال مشاركتها في القافلة، وسعيها لكسر الحصار عن غزة،

وتحدَّت حنين الزعبي، أعضاء الكنيست الإسرائيلي، الذين سعوا إلى محاكمتها، بعد مشاركتها في قافلة الحرية، وصرَّحت أن من يجب أن يقدَّم إلى المحاكمة هي إسرائيل، كاشفة وجه إسرائيل العنصري والشوفيني؛

تخرج بعض الأصوات السلفية، لتنادي على وجوب تحرك الرجال الرجال، وتعيِّر حكام العرب بأن من تحركهم هي امرأة:

"إن أمة قادها الفاروق، وصلاح الدين، ومحمد الفاتح، وعبد الحميد، لتستحق قيادات مخلصة تلقن أمريكا كيف يكون الرجال الرجال، الذين يتخذون قرار الحرب ضد كل محتل لبلاد المسلمين، وينفذونه بعزة المؤمنين، وبصوت المنادي ينشد "حي على الجهاد"، وتستحق قادة رجالا يلقنون أمريكا أن قادتها من ذكور قبل النساء؛ هم أهون من أن يصغي لهم الرجال القادة".

*****

متى نبدأ في التحرك كفعل؛ وليس كردِّ فعل؟!

متى نبادر عملياً لكسر الحصار عن غزة؟ ليس خجلاً ممن بادروا، من شعوب الأرض؛ بل لقناعتنا الراسخة باستحالة تحقيق أي إنجاز سياسي في ظلِّ وطن مشطور؟!

متى نراجع شعاراتنا؟ لنركِّز على ما يجمع لا ما يفرِّق؟!

كيف يمكن أن نراكم ونستثمر هذا الزخم الشعبي العالمي والعربي، الذي انطلق ليساند قضية فلسطين العادلة؟!

كيف يمكن ان نكثِّف جهودنا من أجل محاكمة القتلة، ومجرمي الحرب؟!